نوع مقاله : مقاله پژوهشی
چکیده
یمثّل الصراع الحضاری بین الثقافات الغربیة والشرقیة إشکالیة مهمّة سبّبت أزمة هویاتیة فی کثیر من المجتمعات الإنسانیة خاصة الشرقیة منها. استطاع بعض الروائیین العرب أن یجسّدوا هذا الصراع المریر بین الحضارتین الغربیة والشرقیة وهی موضوع العلاقة بین الأنا والآخر. وعلى الرغم من أنّ نخبة من الکتّاب العرب قد سبقوا إلى طرح هذه الإشکالیة الحضاریة فی کتاباتهم، إلا أنّ روایة «کم بدت السماء قریبة» لبتول الخضیری من الإبداعات التی عرضت لهذه القضیة بشکل موسع، فقد عالجتها بدقة وعمق کبیرین فی مستواه الحضاری (الفکری) من خلال توضیح الجانب المادّی والاجتماعی والنفسی لسلوک الشخصیات فی الروایة، وأخذت یکشف النقاب عن الصراع الجوهری بین الحضارتین. تهدف هذه الورقة البحثیة بالاعتماد على منهج النقد الثقافی ومقاربته الوصفیة والتحلیلیة إلى تسلیط الضوء على موضوع الصراع الحضاری فی تلک الروایة من خلال بعض العیّنات النصیة. یمثّل الأب فی هذه الروایة رمزاً للحضارة العربیة الإسلامیة، وتمثّل الأمّ رمزاً للحضارة الغربیة، وقد احتارت طفلتهما بین هذا الصراع وأصیبت بأزمة هویّاتیة سبّبت تذبذبها السلوکی فی العادات والتقالید، فلا تعرف لمن یکن ولاءها! ومن أهمّ ما توصّلت إلیه الدراسة أنّ البناء السردی فی هذه الروایة قام على محوریة الأنا والآخر التی سیطرت على کلّ العلاقات فیه، إذ کانت العلاقة بینهما علاقة صراع دائم ومستمرّ لم تؤدّ إلى تواصل الحضارتین والتفاعل بینهما، بل أدّت إلى خلق شخصیة مرتبکة وضائعة متمثّلة فی طفلتهما، بحیث فقدت هویّتها، ولمتستطع أن تحدّد انتمائها بشکل دقیق، بل بقیت تعیش على تذبذب فی سلوکیاتها کما أنّها لمتقدر أن تحدد ولاءها بکلّ من الحضارتین.