نوع مقاله : مقاله پژوهشی
چکیده
الهدف والمقدمة: البلاغة التقلیدیة تتعلق بالقرون العابرة وقد مضی من عمرها 700 سنة. تعرضت الساحات اللغویة والأدبیة لتیارات وأحداث هائلة من ظهور مدارس لغویة متنوعة منذ أواخر القرن التاسع عشر المیلادی، وظهور المدارس الأدبیة والحدیثة من جانب، وبروز مدارس النقد الأدبی الحدیثة من جانب آخر، وظهور أنواع أدبیة جدیدة لم تکن موجودة فی زمن الجرجانی والسکاکی، فیستحیل عندنا أن تستجیب تلک البلاغة القدیمة لمتطلبات هذا العصر، وتحتاج إلی ثورة عمیقة فی جذورها وفی بناها التحتیة فضلا عن تشکیلاتها الفوقیة. أصرّ علماء البلاغة فی الغرب الراهن أن البلاغة الکلاسیکیة تفتقر إلى القدرة اللازمة لتحلیل النصوص الأدبیة، فقد قاموا بإزالة هذه المادة من برامجهم الجامعیة. وقد أثار هذا الحدث ردود أفعال متباینة من علماء البلاغة فی الدول العربیة والإسلامیة، حیث أصر التقلیدیون على استمرار دروس البلاغة، ودعا المحدثون، على غرار زملائهم الغربیین إلى إلغائها، ودعت مجموعة ثالثة إلى إصلاحها لتلبیة الاحتیاجات الجدیدة. ومن بین مصممی النظریات البلاغیة الجدیدة، اقترح الباحث (نظریة فنّ البیان البلاغیة). وهی تحاول إثبات انسجام اللغة والبلاغة مع السنن العامة التی تحکم عالم الوجود. هذه المقالة، وبناءً على هذه النظریة تدرس فئات المعانی، وتحللها وفقًا للانسجام المذکور. فهی تدرس معانی النص الأدبی فی بنیة قوس قزحیة (متشککة). وقد اتجهت اللسانیات الإدراکیة إلی إقامة صلة بین عالم اللغة وبین العالم الخارج بتوسیط من الذهن لکنها رفضت التوازی بین العالمین. لکننا فی نظریة فنّ البیان البلاغیة نؤکد علی التوازی بین عالم اللغة والعالم الخارج. هذه النظریة تنصّ علی ضرورة استلهام أصول البلاغة الجدیدة من السنن الحاکمة علی نظام الکون. یسمّی الباحث البنیة الکونیة من جانب والفنیة والبلاغیة من جانب آخر بالبنیة القوس قزحیة، إشارة إلی ضرورة تصنیف الجمالیات الأدبیة والبلاغیة فی درجات وطبقات مختلفة فی الشدة والضعف.
المنهجیة: یتّبع هذا البحث المنهج الوصفی التحلیلی فی الکشف عن البنیات الفنّیة فی النصّ الأدبی ومقارنتها لمراتب الحقائق فی نظام الکون.
المستجدات: تتبنّی نظریة (فنّ البیان) وجود مناسبات بین المواضیع اللغویة والأدبیة، علی سبیل المثال، بین الوصل والفصل فی علم المعانی، وبین کلّ اتصال أو انفصال فی حقائق العالم، وبین التشبیه الذی یتخیله الأدیب والشاعر والتشابهات والتناسبات الموجودة فی خارج ذهن الأدیب، وبین الجناس فی علم البدیع وتجانس شجرتی الصفصاف فی مواصفاتهما ومیزاتهما. فإذا کان التقارن سنة إلهیة مطبقة علی الحقائق الکونیة، فهذا التقارن هو ذاته یتمظهر فی اللغة ویسبّب جمال النص الأدبی. هذا فیما یتعلق بعلاقة اللغة والنحو بشکل عام بالسنن الحاکمة علی نظام الکون. أما عن البلاغة وکمالات المعانی فی اللغة الأدبیة وعلاقتها بجمال الکون، فنذهب فی نظریة "فنّ البیان" إلی أن کمال النص الأدبی لیس إلا صورة من کمال ما خلقه الله. والکمال هو الکمال نفسه سواء تمظهر فی مجرات السماء أو فی مشاهد الأرض، أو فی لوحة فنیة لرسّام أو قطعة موسیقیة لعازف، أو قصیدة شعریة أو قصة أو روایة. وهذا ما نحاول إثباته فی بحثنا هذا.
البحث والنتائج: یتبیّن فی هذا البحث أن نظریة فنّ البیان البلاغیة مشروع جدید لتحلیل النصوص الأدبیة ینطلق من أصول ومبادئ مستقاة من نظام الکون، بحجة أن النظام اللغوی والأدبی لا یمکن أن یستقلّ عن هندسة العالم ونظام الکائنات. وقد توصل البحث إلی التخلّی عن البلاغة العربیة التقلیدیة، ورسم معالم بلاغة متسقة من جمالیات الکون. ثم تتبنی النظریة مقولة التسبیع فی نظام الکون علی قاعدة خلق السموات السبع والأرضین السبع، وتثبت أن هذه الدرجات الوجودیة السباعیة تتمظهر فی درجات الجمال الشفهی للنصوص الأدبیة، مما أدی إلی ترتیب سبع درجات للجمال الشفهی (تبعا للدرجات السبع فی ذبذبات الألوان فی ظاهرة قوس قزح، و کذلک الدرجات السبع فی ذبذبات الأصوات فی الموسیقی). وتمت تسمیة هذه الدرجات بـ: التنافر، التقارب، التلاؤم، التوازن، التجانس، التناغم، والتناسب، وهی تتدرج من أشد الاختلاف فی إیقاع الکلمات أو الجمل إلی أشدّ الاشتراک فیه، انطلاقا من قاعدة تبعیة النظام اللغوی والأدبی من النظام الکونی فی عالم الوجود. والنتیجة: التخلص من ثلاثیة المعانی والبیان والبدیع فی البلاغة التقلیدیة وإعادة تنظیم الجمالیات البیانیة والبدیعیة الشفهیة فی هذه الدرجات. ثم إن باب الجمال یتبنی فی تحلیله مبادئ یستمدّها من علم غیر لغوی هو علم الجمال (astaticism)، لکن باب الکمال تکملة لعلم لغوی آخر هو النحو. ولهذا فلا بدّ من رسم الحدود بین دراسة المعنی فی النحو من جانب، وفی باب الکمال فی فنّ البیان من جانب آخر. واللافت للنظر أن کلیهما یوظّف آلیة (توصیل المعانی) بالفارق التالی: النحو یتبنّی أصل التوصیل بتوصیل المعنی عبر اللفظ، ثم بتوصیل مقولة نحویة فی بنیة الجملة والنص عبر مقولة نحویة أخری. کتوصیل الخبر بالمبتدأ وتوصیل المضاف إلیه بالمضاف؛ أما باب الکمال فیطبق أصل التوصیل بتوصیل معنی ظاهر فی الکلام یسمی بالمنطوق (ویأخذه من النحو) لمعنی باطن یسمی بالمفهوم، وقد سماه الجرجانی معنی المعنی، ونحن نسمّیه المعنی الباطن فی فنّ البیان. إذن، النحو یدرس المعنی الظاهر، وفنّ البیان فی باب الکمال یدرس المعنی الباطن. یتّبع هذا البحث المنهج الوصفی التحلیلی فی الکشف عن البنیات الفنّیة فی النصّ الأدبی ومقارنتها لمراتب الحقائق فی نظام الکون.
کلیدواژهها
موضوعات