نوع مقاله : علمی - پژوهشی
چکیده
الهدف والمقدمة: التَّداولیَّة تعنی أنَّ المتکلِّم ضمن سیاق محدَّد ینتج رسالة یوجِّهها إلی مستقبل، فالمعنی یتداول بین ثلاثة أطراف فی ضمن عملیَّة دائریَّة. وقد خرج من رحم هذا العلم مجموعة فروع أهمّها الأفعال الکلامیَّة. فی هذه النَّظریَّة الکلام یساوی الفعل. والمتلقِّی یتجاوز المعنی المعجمی المکشوف ویحاول عبر الالتفات إلی السِّیاق والظُّروف التی أفرزت النَّصَّ تحدید معناه. فالمعنی الإخباری قد یکون بالنَّظر إلی ظروف الکلام وسیاقاته أمرا أو تحذیرا أو تهدیدا وعکس ذلک. یعتبر جون أوستین الرَّائد والمؤسِّس لهذه النَّظریَّة من خلال محاضراته فی جامعة أکسفورد وهارفاد. ثمَّ جاء بعده الأمریکی جون سیرل فأحکم إطار النَّظریَّة من خلال التَّقسیمات والشُّروط التی أضافها. وتکمن ضرورة البحث فی أنَّ هذه القصیدة تبثُّ روح النِّضال والتَّضحیة فی نفوس الأحرار من الأمَّة وتبعث فیهم الشِّدَّة والبأس علی العدو وتفضح المطبِّعین وتعتبرهم خونة یقتاتون علی حساب مصالح شعوبهم. وبالنظر إلی قابلیَّة هذه القصیدة لتدرس حسب نظریة الأفعال الکلامیَّة بسبب اشتمالها علی الکثیر من هذا الضَّرب من الأفعال فتثیر الدِّراسة الأسئلة التَّالیة لمعالجة القصیدة وفق هذه النَّظریَّة: ما أنواع الأفعال الکلامیَّة الواردة فی مقطوعة "سقط القناع" لمحمود درویش وفقا لتقسیمات الفیلسوف واللُّغوی جون سیرل؟ کیف وظَّف الشَّاعر الأفعال فی هذه القصیدة لإیصال دلالة أکثر عمقا ودلالة من المستوی الظَّاهری؟ ما الأغراض الإنجازیَّة التی اشتملت علیها هذه القصیدة؟ وقبل الردِّ على هذه الأسئلة فی قسم النتائج من الدِّراسة ینبغی الاطلاع على أنَّ الأفعال الکلامیة تتفرَّع إلی خمسة أصناف هی: «1-الفعل الإخباری: یعبِّر هذا الفعل عن إیمان الرَّاوی بصحَّة الأحداث، ویسعی المتحدِّث إلی تطبیق محتوی الافتراضات مع العالم الخارجی. إنَّ وصف أحداث وظواهر العالم الخارجی والتَّعبیر عن رأی المتحِّدث واعتقاده بصحَّة النَّظریَّة هی بعض القضایا التی طُرحت فی الفعل الإخباری. الأفعال التی تندرج فی هذه الفئة هی: التَّعبیر عن الواقع، والإقرار والاستنتاج، والادِّعاء، والافتراض، والتَّنبُّؤ وما إلی ذلک. 2-الفعل التَّوجیهی: فی هذا الفعل، یستخدم المتحدِّث أفعالًا خاصَّة لتوجیه الجمهور بأداء نشاط فی حالة المهمّة أو الإکراه فی کلِّ من الجوانب السَّلبیَّة والإیجابیَّة. یحاول المتحدِّث تطبیق العالم مع محتوی الاقتراح الذی یتضمَّن العمل المستقبلی للمستمع. الأفعال التَّوجیهیَّة تشمل الطَّلب، والأمر، والنُّصح، والتُّحذیر، والتَّشجیع، والاقتراح وما إلی ذلک. 3-الفعل التَّعبیری: القوَّة غیر التَّعبیریَّة (القصدی) هذا الفعل یعبِّر عن الحالات والمشاعر العقلیة حول المواقف والأحداث المحدَّدة. ویرافق هذا العمل المدیح، والتَّهنئة، والتَّقدیر، والاعتذار، والثَّناء، والسُّخریَّة، والإدانة، والنَّدم، وما إلی ذلک. 4-الفعل الالتزامی: فی هذا الفعل، یلتزم المتحدِّث بأداء عمل ما فی المستقبل؛ لذلک فإنَّه یعبِّر عن نیَّة المتحدِّث وقصده. یتضمَّن هذا الفعل وعودًا وتهدیدات ورفضًا والتزامات. المتحدِّث باستخدام هذا الفعل یتعهَّد بمواءمة محتوی المقترحات مع العالم الخارجی. 5-الفعل الإعلانی: الفرق بین هذا الفعل والأفعال السَّابقة هو إحداث تغییرات جدیدة فی المتلقِّی والعالم الخارجی. فی هذا الفعل، یعلن المتحدِّث عن الظُّروف الجدیدة للمتلقِّی. جدیر بالذِّکر أنَّ إجراء تغییرات حقیقیَّة فی العالم الخارجی من قبل المتحدِّث یعتمد علی امتلاک الکفاءات اللَّازمة للتَّأثیر علی العالم الخارجی. یعدُّ تطبیق الکلمات مع العالم الحقیقی أحد أهداف هذا الفعل. تعدُّ أفعال مثل الإعلان والإدانة والتَّعیین وما الی ذلک هی من الأفعال الإعلانیة. وقد حدَّد من خلال هذا التَّقسیم دلالة أنواع الفعل الکلامی.
المنهجیة: تهدف هذه الدِّراسة من خلال المنهج الوصفی- التَّحلیلی وبالاعتماد علی آراء العالم الأمریکی جون سیرل دراسة الأفعال الکلامیَّة ونوعیَّتها وأثرها الإنجازی فی قصیدة "سقط القناع" للشَّاعر الفلسطینی محمود درویش. یتطرَّق هذا الشَّاعر فی قصیدته إلی کشف خیانة المطبِّعین للقضیة الفلسطینیَّة ویدعو کلَّ المناضلین إلی مواصلة طریق النِّضال حتَّی وإن بقوا لوحدهم دون أن تنصرهم جهة من الجهات سواء فی العالم العربی أو الإسلامی.
المستجدات: اتضح أنَّ الشَّاعر عبر اللُّغة الرَّمزیَّة کمفردة الرُّوم یشیر إلی هیمنة الغرب فی العصور السَّالفة واستعماره لثروات الشُّعوب. کذلک فإنَّه قد یمنح الجمادات قابلیة الشُّعور کما تعامل مع لفظة "بیروت" لیؤکِّد علی أنَّ حبَّه للوطن حبٌّ صادق خال من الدَّنس والشَّهوة متجاوزا العلاقات العاطفیَّة العادیَّة. واستخدم الشَّاعر الفعل الکلامی غیر المباشر بنسبة ثمانین بالمئة، والفعل المباشر کان قد ورد بنسبة عشرین بالمئة. لأنَّ الشَّاعر دائما ما یسعی لیحمل أفعاله دلالات أعمق مما یتضمَّنه الفعل القولی والصَّوتی. لم یستخدم الشَّاعر التَّقریرات لأنَّ لدیه قناعة أنَّ الطَّریق واحد؛ وهو طریق النِّضال، وأنَّ الجمیع عارف به ولا یخالف هذا غیر المطبِّعین المستفیدین من الغرب والصَّهاینة.
البحث والنتائج: من خلال إجراء إحصائیَّة دقیقة لأنواع الفعل الکلامی فی قصیدة سقط القناع تبیَّن أنَّ الشَّاعر محمود درویش قد استفاد من الأفعال التَّوجیهیة أربع مرات، محمِّلا هذا الفعل نسبة أکبر مقارنة بغیره من الأفعال الکلامیة الأخری، لیشیر إلی أنَّه بصدد إیصال رسالة فحواها أن الشَّاعر یرید من المتلقِّی إنجاز الفعل ولم یقنع بمجرَّد التنبیه له. ویأتی الفعل التَّعبیری بتکرره لثلاث مرَّات فی المرتبة الثَّانیة حیث إنَّ الشَّاعر فی کثیر من الأحیان یحاول بثَّ مشاعره وأحاسیسه فی أرجاء النَّصِّ؛ وهذا الفعل من شأنه أن یحمل المشاعر والأحاسیس للمخاطب بشکل أوضح وأنسب دون غیره من الأفعال الکلامیة الأخری. واستخدم الشَّاعر الفعل الإنجازی لأغراض مثل: تحذیر المتلقِّی ممن تمرّسوا فی لعبة النِّفاق . وللحثِّ علی مواصلة طریق الکفاح وللتَّعبیر عن حالة التِّیه والتَّناقض لدی الشَّاعر الذی وجد نفسه محاصرا بین من صمدوا وبین من هربوا. ومن الأغراض الأخری بیان یقظة الشَّاعر وحرصه علی صون أراضیه من أن یمسَّها العدو بسوء. کما أنَّه وظَّف التَّناص الأدبی والتَّناص القرآنی دون غیرهما، وذلک لشحذ الهمم وکشف مواقف الصَّادق والکاذب فی ساحة القتال، وللإشارة إلی وهن وضعف دولة العدوِّ التی یسمِّیها اللقیطة، لأنَّها غیر شرعیَّة لا تمتلک مقوِّمات البقاء دون نصرة الغرب الذی زرعها لحفظ منافعه ومصالحه.
کلیدواژهها
موضوعات